الفلسطينيون والاستراتيجيات البديلة
بقلم / أمال حمد
يواجه الشعب الفلسطيني في بداية عامه الجديد وضعاً سياسياً قاتماً في ظل قيادته الضعيفة وتجزُّئه الجغرافي والإداري وفقدانه الركيزة السياسية، هذا بالاضافة الى النزعة الفردية التي أخذت تطغى على مجتمعه المدني. فمشروع بناء الدولة الذي حمل في طياته وعوداً كثيرة في عقدي الثمانينيات والتسعينيات لم يعد يرقى الى اعتباره هدفاً سياسياً بديلاً يحظى بتأييد شعبي، بل بات يفقد مؤيديه باطراد بالرغم من اعتراف 137 بلداً بالدولة الفلسطينية.
الا أنه من الواضح أن الوهن السياسي الحالي الذي يعانيه الشعب الفلسطيني يرجع في معظمه إلى غياب التفكير الاستراتيجي، وذلك بالرغم من بعض الجهود المنظَّمة التي تبذلها بعض المراكز الفكرية والبحثية الفلسطينية في هذا الصدد. فقد أصبح من الأهمية بمكان ما أن يضع الفلسطينيون استراتيجيةً، سواء بمشاركة الفصائل السياسية داخل منظمة التحرير وخارجها أم دون مشاركتها. ففي ظل غياب الاستراتيجية الواضحة سوف تُستنزف الطاقات والتكتيكات التي تبذلها تلك الاطراف، وبالتالي لن تحقق النتائج المتوقعة والمرجوة منها.
إن التفكير الاستراتيجي السليم يعتمد على إجراء تقييم دقيق للبيئة السياسية الحالية وما تحتويه من فرص وتحديات داخلية وخارجية. ومن الأهمية بمكان بالنسبة الى الفلسطينيين أن يُجروا تقييماً دقيقاً لاستراتيجيات إسرائيل كونها الطرف الأقوى الذي يقرر نطاق الصراع ومجرياته إلى حد بعيد. اذ إن من الأسباب الرئيسية لاعتبار «أوسلو» كارثةً سياسية أن القادة الفلسطينيين، وبسبب افتقارهم إلى الكفاءة أو يأسهم لإيجاد حل، صدَّقوا رغبة إسرائيل المعلنة في إقامة دولة فلسطينية وعملوا على تحقيق ذاك الهدف السياسي. سوء التقدير هذا، وما تبعه من تنازلات انعكس بشكل كارثي على قدرة الفلسطينيين التفاوضية ووحدتهم وقدرتهم على صياغة استراتيجية وطنية متماسكة.