في الذكرى الثامنة والثلاثين ليوم الأرض
الثلاثون من آذار، ذكرى لها دلالتها في تاريخ الحركة الوطنية للشعب الفلسطيني، في ذلك اليوم من عام 1976، هبت الجماهير الفلسطينية في الجليل والنقب ومناطق الاحتلال1948 وشاركتها الجماهير الفلسطينية في باقي الأراضي المحتلة عام 1967 ضد عملية وسياسة المصادرة للأراضي التي تقوم بها السلطات الإسرائيلية , ووقف الشعب الفلسطيني يدافع عن الأرض التي أنجبته واحتضنته عبر آلاف السنين , أعطاها دمه وعرقه وعقله وأودعها أحلامه, وأعطته مأواه وخبزه ووطنه وهويته الإنسانية …
في هذه المناسبة الخالدة ، أدرك كما يدرك معظم ابناء شعبنا ، أن قضيتنا اليوم باتت محكومة لقيادات سياسية استبدلت المصلحة الوطنية العليا برؤاها وبمصالحها الخاصة ، ففي ظل الانقسام والصراع بين الأخوة الأعداء في فلسطين ، وفي ظل الصراع الدموي الهادف الى تفكيك وتجديد تخلف وتفتيت سوريا وليبيا ومصر والعراق وغيرها، يتحول “الربيع ” العربي الى ربيع امريكي اسرائيلي ، ويرقص عدونا الإسرائيلي طربا بهذا المصير الذي لم يستطع تحقيقه في كل حروبه ضدنا ؟؟!!!، ومرة أخرى نستعيد نحن الفلسطينيون في الذكرى الثامنة والثلاثين ليوم الأرض ، أطياف ذكريات ماضية ، ولكن في وضع مؤسف عنوانه “تزايد الصراع بين قطبي الصراع فتح وحماس على السلطة والمصالح ” وانسداد الأفق السياسي بالنسبة للدولة أو المشروع الوطني لا فرق ، والسؤال هو: ما هي تلك الغنيمة الهائلة التي يتنازع قطبي الصراع المتصادمين عليها؟ لا شيء سوى مزيد من التفكك والانهيارات والهزائم .. فالحرب بين الفلسطيني والفلسطيني لن تحقق نصرا لأي منهما ، وإنما هزيمة جديدة لمن يزعم انه انتصر ، يؤكد على هذا الاستنتاج الواقع الراهن الذي يعيشه أبناء شعبنا في الوطن والشتات .
لكن على الرغم من كل محطات التراجع والهبوط بالثوابت والأهداف الوطنية التحررية والديمقراطية لشعبنا الفلسطيني ، إلا أن قضية الأرض وعودة أصحابها من اللاجئين الفلسطينيين إليها، تشكل جوهر القضية الفلسطينية، كما أنها تمثل التجسيد الكثيف لمأساة الشعب الفلسطيني. إنها تجسيد سياسي ، ثوري وإنساني وأخلاقي باعتبارها جوهر الصراع الفلسطيني في إطار الصراع العربي الصهيوني . وبهذا المعنى أضحى الموقف من حق العودة خطاًّ معيارياً على أساسه يمكن قياس عدالة وجدية أي مشروع مطروح للحلّ السياسي، وأيضاً قياس مصداقية مواقف القوى السياسية كما الأفراد.
لذلك فإن المهمة العاجلة أمام الحركة الوطنية الفلسطينية ، أن تعيد النظر في الرؤية الإستراتيجية التحررية الديمقراطية ، الوطنية/القومية ببعديها السياسي والمجتمعي ، انطلاقاً من إعادة إحياء وتجدد الوعي بطبيعة الدولة الصهيونية، ودورها ووظيفتها كمشروع إمبريالي لا يستهدف فلسطين فحسب، بل يستهدف –بنفس الدرجة- ضمان السيطرة الإمبريالية على مقدرات الوطن العربي واحتجاز تطوره .
وبالتالي ، إذا كان صراعنا نحن الفلسطينيون ضد الدولة الصهيونية هو صراع وجودي، فهو أيضاً من أجل فتح أفق الثورة الوطنية الديمقراطية في كل قطر عربي على طريق التوحيد القومي و التطوّر و الحداثة و الدمقرطة والعدالة الاجتماعية بافاقها الاشتراكية. الأمر الذي يجعل معالجة المسألة الفلسطينية متضمّنة في المشروع القومي الديمقراطي العربي، و يؤسس في سياق النهوض الشعبي العربي إلى تغيير موازين القوى لحساب مصالح ومستقبل الجماهير الشعبية العربية.
وضمن ذلك ليس من الممكن التفكير بفلسطين ككيان قطري، و هذا يعني تأكيد الطابع العربي لفلسطين مقابل ” تهويدها” ما يؤكد على أن النضال الفلسطيني لا يمكن أن ينعزل عن عمقه العربي وأن لا آفاق له سوى أن يكون رأس حربة النضال التحرري والديمقراطي العربي كله.
وهذا يعني أن الصراع مع المشروع الصهيوني هو صراع مع النظام الرأسمالي الإمبريالي من أجل تغيير وتجاوز النظام العربي الكومبرادوري الراهن كمهمة إستراتيجية على طريق النضال من أجل تحقيق أهداف الثورة الوطنية الديمقراطية وتواصله ضد الوجود الأمريكي ، وضد الدولة الصهيونية وإزالتها وإقامة فلسطين الديمقراطية لكل سكانها وحل المسألة اليهودية ضمن هذا المنظور .
انطلاقاً من ذلك يمكن أن يصاغ الحل، على أساس أن فلسطين جزءاً من دولة عربية ديمقراطية موحدة وأن تتحقق عودة اللاجئين الذين شُرِّدوا منها بالرغم من كل الصعاب أو “المستحيلات” التي يزعمها البعض أن الجماهير الشعبية الفلسطينية التي رسمت بالدم – آلاف المرات – خارطة الوطن عبر نضالها وتضحياتها من أجل حق العودة هي جماهير قادرة – من خلال طليعة ثورية – على تحقيق حلم الانتصار