ورقة عمل حول دور المرأة الفلسطينية في النضال الوطني
دور المرأة الفلسطينية في النضال الوطني
د. مريم أبو دقة
مثلت المرأة الفلسطينية بنضالاتها الوطنية علامة فارقة و مميزة في تاريخ الشعب و القضية من خلال انخراطها في النضال الوطني التحرري منذ البدايات الأولى أي قبل تأسيس دولة الاحتلال الصهيوني عام 1948 م فأدت المرأة الفلسطينية دورا مهما في التصدي للهجرة اليهودية إلى فلسطين بدءا من موجاتها الأولى في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين و جسدت فعلها الوطني الملموس في ثورة الشعب المسلحة عام 1936 م حملت السلاح و داوت الجراح و أرضعت أبنائها حليب الثورة الخالص المخلوط بالتراث الحضاري الأصيل للشعب الفلسطيني .
كما قادت المرأة الفلسطينية العديد من المظاهرات و الاحتجاجات الوطنية ضد الاحتلال و انتشقت البندقية و قاومت كما شقيقها الرجل و خاضت غمار الكفاح المسلح و استشهدت و خرجت و اعتقلت و أبعدت و طردت و ساهمت في كل مناحي العمل الوطني و الشعبي المجتمعي إلا أن ذلك لم يمنعها من مواصلة عملها الكفاحي الوطني فخاضت العمليات الاستشهادية البطولية و قادت المجموعات الفدائية داخل فلسطين و خارجها و أصبحت عضوا ناشطا و فاعلا وطنيا أصيلا و كانت صفو الرجل و تشاركت معه منذ البدايات الأولى للمشروع الوطني … لا سيما المعاصر الذي انطلق في الأول من يناير عام 1965 م فكانت المرأة الفلسطينية بأثوابها متعددة الألوان سباقة في العمل الوطني .
لقد مرت المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية في النضال دورا تاريخيا منذ عام 1917 م حتى يومنا هذا بمراحل عديدة : ا
المرحلة الأولى من 1917 حتى1965 … من 1965 حتى أوسلو و فترة أوسلو حتى الآن .
الفترة الأولى كانت نضالات المرأة تتمركز بشكل أوسع في الجمعيات الخيرية ( جمعية زهرة الأقحوان ) و غيرها و مشاركة المرأة الفلسطينية في محاربة و مقاومة الاستيطان عبر المؤتمرات و وسائل الاحتجاج و بالتعاون مع النساء العربيات .
كما شاركت المرأة في ثورة عام 1936 م فمن النساء من باعت حليبها لشراء السلاح للزوج أو الوالد أو الأخ إضافة إلى معالجة المرض إلى جانب المشاركة بالقتال رغم محدودية هذا الدور لأسباب اجتماعية في ذلك الوقت و منهن من ارتقين شهيدات فكانت الشهيدة حلوة زيدان و لينا النابلسي و غيرهن ..
و تحملت المرأة الفلسطينية وزر الهجرة فكانت هي الحامية الأمنية للأسرة و الهوية و التراث و أرضعت أطفالها حليب الثورة و حب الوطن ، و في فترة المد القومي كان للمرأة دور مهم في بداية انخراط الحركات القومية ( حركة القوميين العرب و التي شكلت القاعدة الأولى لمشاركة المرأة فيما تلى ذلك في تنظيم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين .
أما المرحلة الثانية مرحلة تأسيس م.ت.ف حيث بدأ تأسيس الأحزاب الفلسطينية و الحركات ( فتح و الشعبية و الجبهة الديمقراطية و حزب الشعب )
كان للمرأة دور مهم في م.ت.ف و كان الاتحاد العام للمرأة أحد أول قواعد م.ت.ف مع اتحاد العمال و الطلاب و من خلال انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة بدأت النساء بالانخراط الكثيف في التنظيمات الفلسطينية المنظمة .
و كانت مشاركة المرأة تشهد نموا كبيرا في مراحل المد الثوري .. فنجد في الستينات كانت أولى شهيدات الثورة الفلسطينية المعاصرة الرفيقة شادية أبو غزالة و كان سيل العمليات النوعية للمناضلات الفلسطينيات خطف الطائرات ( ليلى خالد و أمينة دحبور ) و عمليات في الضفة الغربية و غزة ( فاطمة برناوي – عايشة عودة – رسمية عودة – رشيدة عبيدو – عبلة طه و سهام الوزني و عائدة سعد – صبحية سكيك و فيروز عرفة و نهلة البايض و القافلة طويلة ) .
و المطاردات وداد قمري من القدس .
و المبعدات نايفة أصرف و نفوذ الشاعر و لمعة مراد إلخ …
و امتلأت السجون بالمناضلات الفلسطينيات اللواتي شاركن بعمل كفاحي و من خلال الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية أيضا لعبت المرأة الفلسطينية دورا وطنيا بارزا في جلب الدعم للقضية الوطنية إضافة إلى مشاركتها الفاعلة في الدفاع عن البندقية الفلسطينية من خلال مشاركة الأطر النسوية التابعة لفصائل م.ت.ف .
كان النضال الأبرز في تلك المرحلة هو نضال سياسي .. في الداخل و الخارج بحكم أن الفلسطينيين في الخارج يلتزمون بالقانون للدول المضيفة و عانت تجربة المرأة السياسية لشد و جذب متأثرة بما تتعرض له الثورة الفلسطينية و تميزت فترة الانتفاضة الأولى بدور بارز بمشاركة المرأة الفلسطينية في النضال الوطني بكل أشكاله و قد شكلت الأطر النسوية ( المجلس النسوي الأعلى ) الذي وحد القوى النسوية للفصائل و ذلك بسبب حظر الاتحاد العام و كان لذلك التنظيم دور رائد في النضال ( لجان شعبية – مسيرات – احتجاجات – مدارس شعبية – الاقتصاد المنزلي – المشاركة في العمل الكفاحي إلخ..
و قد استهدف الاحتلال النساء كما استهدف كل أبناء شعبنا بالملاحقة و الاعتقال و الإبعاد إلخ … و هذه كانت مرحلة جديدة للنضال الوطني و لمشاركة المرأة الفلسطينية .
حيث انتقل ثقل و فعل الحركة الوطنية إلى الداخل المحتل و كانت النسوية و الاتحاد العام من ضمن هذا الترتيب يتميز الواقع الفلسطيني عن أي مجتمع بواقع الاحتلال الصهيوني و من هنا اتسمت الحركة النسوية بنضالها بهذه السمة فمن زاوية المرأة تعيش نفس الواقع مع أبناء شعبها ألا و هو الاحتلال و من جهة أخرى فهي تعاني من التمييز بسبب الموروث الاجتماعي و القوانين التي تحد من دورها .
و التنوع الفكري و من ثم السياسي و الطبقي أيضا هو سمة لكل المجتمعات و المجتمع الفلسطيني مثل كل المجتمعات يعيش هذا الواقع إضافة إلى ما لحق به من تبعات الاحتلال على كل المناحي السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية .
لذلك نرى أن هناك ضرورة طبيعية لنمو المناخ السياسي العام لكل أبناء الشعب الفلسطيني يتأثر به جميع القطاعات و المرأة بشكل أساسي كونها تشكل نسبة المجتمع بالعدد و تلد و تربي النصف الآخر و لأن الاحتلال جاثم على صدور كل فئات الشعب فمن الطبيعي أن يكون لجميع القطاعات تفاعل مع الجانب السياسي للخلاص من الاحتلال .. هذا ما يعزي العمل المبكر للنساء الفلسطينيات و انخراطهن في العمل السياسي عبر الأحزاب و الأطر و المؤسسات و كان الوعي الملازم للعمل الوطني لدى المرأة الفلسطينية واضحا حيث كان الربط دائم بين حرية المرأة و الوطن لأنه لا يمكن أن تتحرر المرأة في ظل الاحتلال أخذ ذلك مسارات مختلفة بسبب الظروف و الأمكنة بسبب تشتت الشعب الفلسطيني ، و تنوع أماكن تواجده في الداخل و في المناطق القريبة المجاورة و البعيدة في أوروبا و أمريكا و العالم بأسره .
و أخذ نضال المرأة أشكالا متعددة و ارتبط ارتباطا كبيرا بالنضال الوطني عبر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية كأحد أول قواعد م.ت.ف و عبر الاتحاد كان نضال كافة الأطر النسوية المكنون لـ م.ت.ف و كذلك عبر فصائل الثورة الفلسطينية .
تعتبر مشاركة المرأة في الشأن السياسي أسلوبا حضاريا و ضرورة بضمان التنمية المستدامة و ضرورة وطنية كونها جزء لا يتجزأ من القوى الثورية خاصة في مرحلة التحرر الوطني – مرحلة النضال الوطني ضد الاحتلال .
و لذلك أصبحت عملية المشاركة السياسية للمرأة ضرورة لتحقيق أهداف النظام السياسي بحيث لا يقتصر حق المشاركة على الرجال و إنما تشمل المشاركة للنساء و الرجال على حد سواء و أن توسيع قاعدة المشاركة لتشمل في نهاية المطاف جميع شرائح المجتمع بما فيها النساء يساعد في كل الأحوال على توسيع قاعدة الشرعية للمؤسسات التمثيلية و التنفيذية للنظام السياسي مما يعطيها قوة تمثيلية نابعة و مستندة إلى الخيار الديمقراطي .
لذا فإن أولى مقدمات مشاركة المرأة الإقرار بأنها تتمتع بالمواطنة التامة أمام القانون بدون تمييز حيث أن توسيع قاعدة المشاركة يعزز مبدأ المواطنة بشقيها .. الحقوق و الواجبات ، و بالتالي يعزز مبدأ الانتماء و الانحياز لمصلحة الوطن ككل .
و يعزز مكانة المرأة في المجتمع على طريق أحداث جوهرية بما يشمل الهياكل الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية و السياسية عن طريق التنمية بمفهومها الشامل موظفا طاقات المجتمع ككل فلا يكفي الاعتراف من الناحية الشكلية .
إن التنمية تحتاج إلى طاقات و جهود جميع الفئات من المجتمع بما فيها المرأة ، و السعي الدائم لإفساح المجال أمام المرأة لجهة التعليم و الإقرار بأن التنمية لا يمكن أن تتحقق بدون مساهمة المرأة في بلد يعتمد أساسا على موارد البشرية من أجل مساهمة كاملة في الجهود التنموية سياسيا و اقتصاديا و اجتماعيا و ثقافيا. من هنا فإن المشاركة السياسية هي شأن عام لا يمكن للفرد أن يكون مؤثرا أو مشاركا ما لم يعترف بدوره في الحياة العامة و يحق له ممارسته دون قيود أو تمييز .
إن تهميش مشاركة المرأة في صنع القرار يخلق واقع الاغتراب السياسي لدى هذا القطاع و يحرم المجتمع من طاقاته الكبيرة .
مؤشرات واقع المرأة الفلسطينية في صنع القرار في وضع السلطة :
إن أحد أهم عناصر الحقوق السياسية للمواطنين التي أكدت عليها المواثيق الدولية ذات الصلة في المشاركة الشخصية و عند إجراء تفحص لواقع السلطة نجد تدني نسبة مشاركة المرأة في صنع القرار .
و رغم مشاركة المرأة الفلسطينية الواضحة و الواسعة منذ انطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة حتى اللحظة و في كل المراحل إلا أن مشاركتها في صنع القرار مازالت متواضعة مقارنة مع التضحيات و دورها .
مشاركة المرأة في الهيئات القيادية لـ م.ت.ف 7.5% أي ( 56) عضو مقابل (744 )رجل .
اللجنة التنفيذية أخيرا تمثل (1) من النساء .
المجلس التشريعي
مشاركة المرأة في وفود المفاوضات أي الطواقم الفنية لمؤتمر( 66) مقابل( 366) رجل .
الوزارات .. (4) وزيرات .
نسبة النساء في الهيئات القيادية للأحزاب السياسية تتراوح بين ( 15-20 )، مثال الشعبية في م . س (21%)في قيادة الفرع ( 18% ).. اللجنة المركزية (20% ) .
المجالس البلدية ..( 63) نساء مقابل ( 3597 )رجل .. غزة و أريحا لا يوجد .
المشاركة في السلطة القضائية .. (3) قاضيات من أصل ( 68 ) قاضي ، أي نسبة ( 4% )
في الاتحادات و الهيئات الإدارية لا يتجاوز حجمها عن (6.7 % )
معيقات المشاركة السياسية للمرأة :
الاحتلال و تبعاته .
الانقسام .
الموروث الاجتماعي .
المجتمع المدني مازال دون مستوى الاهتمام بقضية المرأة حيث المنظمات النسوية مشتتة و الأحزاب السياسية لا تولي أهمية نوعية خاصة في الفترة الأخيرة لهذا العنوان رغم التباين بين الفصائل فقد انعكس ذلك في تبوء المرأة مكانها في صنع القرار ، و حرمها من المشاركة في لجان الحوار و المصلحة و اللجان السياسية و غير ذلك و في قوائم الانتخابات لم يتميز أي حزب بخرق القانون بترتيب قوائمه حيث نص القانون بضرورة أن تحتوي كل قائمة على نساء حسب الترتيب رقم 3 و رقم ( 5) إلخ.. و لاحظن في الدوائر لم تنجح أي امرأة .
وعي المرأة لقضيتها و دورها مازال محدودا .
النظام الانتخابي المختلط .. الدوائر و المطلوب قانون تمثيل نسبي كامل .
معيقات قانونية :
رغم التوقيع من الرئيس على كافة القوانين الدولية التي تمنع التمييز ضد المرأة ( اتفاقية سيداو – قرار 1325 إلا أنه لم تجر موائمة هذه القوانين الفلسطينية لتحمي حقوق المرأة .
لم تنفذ قرارات المركز المركزي بضرورة أن تكون نسبة مشاركة المرأة (30% ) في كل المؤسسات الفلسطينية .
إضافة إلى معيقات اجتماعية :
ضعف الثقافة السياسية و المدنية .
سيطرة الموروث الاجتماعي القائم على العادات و الأعراف و التقاليد التمييزية .
استمرار تركيز أدوار المرأة على الأدوار الثانوية رغم نجاحها في كافة الميادين .
تعدد أدوار المرأة داخل و خارج البيت
انتشار الفقر و الأمية .
ضعف الوعي الذاتي .
معيقات سياسية:
الاحتلال .
غياب الديمقراطية .
غياب المواطنة الكاملة .
العلاقات القبلية .
إن التداخل بين مهمات البناء على الجبهة الداخلية مع مهمات النضال الوطني يجعل من إقامة مجتمع ديمقراطي فلسطيني رافعة للنضال ضد الاحتلال .
و المجتمع الديمقراطي يشترط بالضرورة تعزيز مشاركة المرأة و توسيع قاعدتها الاجتماعية كما يفترض تحقيق قدر من التنمية الاقتصادية لا يمكن أن تأتي مع تعطيل قدرات النساء و تهميشهن .
إن التميز الكفاحي الذي حظيت فيه المرأة الفلسطينية لا يزال يفتقد إلى الأساس الاجتماعي العادل و المتساوي بما يضمن حقوقها الاجتماعية و لذلك نرى أن هناك إجراءات لابد من اتخاذها :
تعميق مجرى التحول الديمقراطي و عمليات المأسسة و مراكمة النجاحات و البناء عليها ، على سبيل المثال الكوتة النسوية و الضغط من أجل رفعها .
تنفيذ 3.% لمشاركة النساء .
دعم إقامة شبكة من الأندية و المؤسسات النسوية الفاعلية لتعزيز فرص التعليم و التمكين و قوات للتعبئة الاجتماعية و تعظيم تأثير نفوذ النساء على مستوى القدرات و السياسات و عبر تدريب وتأهيل قيادات شابة و نسوية .
صياغة قانون الأحوال الشخصية بما يتلاءم مع التطور الاجتماعي التنموي لمجتمعنا ينسجم مع المواثيق و المعاهدات الدولية .
تعميق و توسيع المضمون الوطني و الديمقراطي في مناهج التعليم ( تخصيص صناديق لدعم الطالبات المتفوقات و تشجيعهم على مواصلة و استكمال تعليمهن )
تعزيز فرص المشاركة في هيئات الأحزاب السياسية ذات التوجه الديمقراطي و إعطاء نموذج للقيادة النسوية المخيرة و رفع الوعي لدى أعضاء هذه التنظيمات و الثقافة الديمقراطية و الوطنية و اليسارية التي تؤمن بقضية المرأة و تدافع عنها .
التشديد على أن التمييز الكفاحي للنساء و في مراحل النضال المختلفة يؤكد قدرة المرأة على المساهمة الفاعلة في عمليات البناء , ثمة ضرورة على تظهير و تعميم نماذج و حالات من واقعنا في ظل مواجهة الاحتلال و مكافحة الفقر .
و الدور الأساسي الذي تقوم به النساء في استراتيجيات التكيف و ضمان سبل عيش الأسر بصورة آمنة و مستدامة و حتى يمكن عمل ذلك الخطوة الأولى هي : –
إنهاء الانقسام الذي يدمر كل خلايا مشروعنا الوطني .
توحيد الحركة النسوية على أساس القاسم المشترك لتطوير دورها و مكانها .
تفعيل دور الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية .
النضال المستمر من أجل تعزيز ثقافة ديمقراطية وطنية تساوي بين كل أبناء الوطن .
في ظل انقسام أفقي و عمودي في كل بنيان المجتمع والنظام السياسي و ترك هما أوسع على النساء التشريعات – البطالة – الفقر – التعليم – الوحدة – إلخ ..
تراجع الثقافة الديمقراطية في المجتمع و أكثر المتضررين من ذلك المرأة و عكس ذلك على ثقافة سلوك المجتمع و الأحزاب و انعكس ذلك بشكل متفاوت حيث حرمت النساء من المشاركة في الوفود للمفاوضات و في الإعمار و غير ذلك في جملة الحوار الأولى الشعبية بواحدة .
و حرمت من المشاركة في اللجان المتفرعة منها رؤية الأحزاب اليسارية لمشاركة المرأة السياسية .
تميزت برامج الأحزاب اليسارية حيث ساوت بين المرأة و الرجل بالحقوق و الواجبات .
شكل الفكر الديمقراطي اليساري عامل مهم في تطور مشاركة المرأة في الأحزاب و في المجتمع و نشر ثقافة ديمقراطية مهدت لانخراط النساء بشكل واسع للأحزاب السياسية على اختلافها .
و تميزت قوى اليسار عامة و الجبهة خاصة على أهمية كبيرة لدور المرأة و وصولها إلى مواقع صنع القرار خاصة في ظروف الثورة الوطنية لشعب يعيش تحت الاحتلال .
و قد كان المجال مفتوحا لأن تقتحم النساء النضال السياسي النقابي ، الفكري ، الجماهيري ، العسكري و ظهرت نساء متميزات كن قوى مثل للشارع الفلسطيني و العالمي على أن المرأة تستطيع أن تقوم بمهمات كانت حكرا على الرجال في ظل الموروث الثقافي و التقاليد فدخلت بكثافة فترة الستينات و السبعينات السجون على خلفية عسكرية و سياسية انتماء أو جماهيرية أو تنظيمية ( فاطمة برناوي – رسمية عودة – عايشة عودة – عبلة طه إلخ … و تعرضت للإبعاد و النفي و قامت بعمليات استشهادية ( شادية أبو غزالة – رجاء أبو عماشة – دلال المغربي ) و أرعبت قلب العدو ( ليلى خالد – أمينة دحبور – ليلى أندراوسي )
طوردت و لوحقت و أعبدت ( وداد قمري – سهام الوزني – رشيدة عبيدو – عبلة طه – رسمية عودة – يسرى أبو طاحون – نايفة أصرف و غيرهن ).
تسلمت مسئوليات عسكرية و خضعت لدورات عسكرية متتالية .
لعبت دورا هاما في رعاية و حماية أسر الشهداء و الأسرى و نقل أخبارهم و مدهم بالأخبار من الداخل .
وصلت إلى مواقع متقدمة في الأحزاب .
فدا – الأمين العام للحزب امرأة .
من الملاحظ أنه في مراحل المد الثوري تتقدم المرأة و في مراحل الهزائم و الأزمات أكثر ما يتعرض للتراجع النساء .
هذه الأحزاب تعيش في الواقع الفلسطيني نفسه الذي يحمل ثقافة ذكورية و بالتالي عملية تواصل النضال ضد الأفكار و الموروث الاجتماعي الذي يميز بين المرأة و الرجل تتراجع لصالح الوطني و السياسي رغم إن ذلك لا يتناقض مطلقا لأن النضال المجتمعي مرتبط بالسياسي و انعكاس له .
و في ظل الاشتباك مع الاحتلال كان وضع النساء أكثر ثورية منه في ظل السلطة حيث اختلفت الظروف الذاتية و الموضوعية و انعكس ذلك على النساء بشكل كبير .
الانقسام السياسي كان له دور كبير في تفتيت الجانب النسوي و غيره فتبدلت الأولويات و الاهتمامات و تراجع دور الأحزاب و تبعا لذلك دور النساء فنرى في الانتخابات الجميع التزم بالكوتة في القائمة للنساء رقم (3) و غيرها و لم يتميز أي حزب بأن وضع مرأة رقم(1) .
التشكيلات للحوار اقتصرت على امرأة واحدة في الجلسة الأولى للحوار( الشعبية و بعد ذلك لم تمثل النساء في اللجان الأخرى و هذا يعكس أن عدم وجود نساء من الطبيعي .
مهمات النساء مازالت في أغلبيتها تتحيز بمسئوليات عن المرأة رغم أنه من ناحية نظرية و علمية هذا هو دور المجتمع كله و ليس النساء مسئولات عن تغيير أوضاعهم رغم تقدمهم الصفوف ؟
عدم وحدة اليسار و تبعثره لعب دورا في ضعف الأطر النسوية التابعة لليسار هو المؤهل لدعم تطور المرأة و الديمقراطية في المجتمع و هذا يحتاج إلى الإسراع في تطوير التيار الديمقراطي التقدمي .
و قبل هذا و ذلك لابد من إنهاء الانقسام لأنه العثرة الكبرى في وحدة الشعب و الوطن و العلم و الهوية و هذا بدوره يبعدنا عن الفعل الجماعي لمواجهة سياسات الاحتلال خاصة في ظروفنا الراهنة حيث يتهدد مشروعنا الوطني من قوى الإمبريالية و الصهيونية و ليس آخرها صفقة القرن و التطبيع العربي .
و لذلك نرى أنه من الضرورة عمل الآتي :
مراجعة شاملة لكل المسيرة النضالية ما لنا و ما علينا .
ليس من الإنصاف أن نقارن دور المرأة و مساهمتها النضالية في ظروف مجافية حيث المناخ الذي تعيش فيه المرأة مناخ تميز من حيث الثقافة السلوك و العادات و التقاليد ، و رغم نشاط المرأة المعروف و المذكور في كل الوثائق إلا أن هناك ثغرات و فجوات كبيرة بين التنظير و البرامج و النشاطات و انعكاس ذلك في موقع و دور المرأة في صنع القرار سواء على مستوى السلطة أو المنظمة أو الأحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني .
ففي فترة المد الثوري كان دور المرأة و نشاطها يزداد و في لحظات التراجع و الهزائم أول انعكاس سلبي يكون على المرأة .
حركة المقاومة الفلسطينية منذ أوسلو تعيش في أزمة و حتى اللحظة و المرأة هي جزء من حركتها و جزء من واقعها السياسي ، فما يمس بنيان النظام السياسي و مكوناته بالتأكيد تفاعله و انعكاساته أكبر على المرأة .
طبيعة الظرف الذي تعيشه المرأة و تناضل فيه مختلف في ظل الانقسام الفلسطيني و هو المعوق الأكثر في تطور دور المرأة كما هو معيق في تطور نضال و تقدم مشروعنا الوطني برمته .
الانقسام فرض نفسه على الحركة النسوية و حرمها من تطور دورها على أساس القواسم المشتركة لمواجهة المحتل .
أثر الانقسام في مناحي تطور الدور المشارك للنساء في توحيد جهود الحركة النسوية و تشكيل لوبي ضاغط من أجل نشر ثقافة ديمقراطية لا تميز بين المرأة و الرجل .
ضرورة تطوير دور المرأة في الأحزاب و تمكينها للتمكن من الوصول إلى صنع القرار .
تدعيم و تمكين دور المرأة في السلطة و مؤسسات م.ت.ف و منظمات المجتمع المدني .
تعزيز الديمقراطية و النضال من أجل انتخابات دورية على قاعدة التمثيل النسبي الكامل .
تحديد أولويات الحركة النسوية .
إستراتيجية وطنية تعمل النساء فيها ضمن الأولويات و حسب اعتقاد الأولوية إنهاء الانقسام و توحيد جهود الحركة النسوية و دورها الرائد في النضال الوطني و المجتمعي .
خلق قيادات نسوية شابة و تدريبها على القيادة في الميدان .
يجب على الأطر و المراكز و الاتحاد العام أن تتحول إلى جماهيرية و ليس النخبة متكاملية الأدوار .
يجب أن يطور دور الاتحاد العام للمرأة كقيادة حقيقية تمثل كل النساء و يطور برامجه و أدواته و استيعاب كل الطاقات .
الاهتمام بتاريخ الحركة النسوية و رائداتها لتكون مادة لتحفيز الأجيال الجديدة .
الاهتمام بالدراسات و التوثيق لتجربة الحركة النسوية الرائدة .
د/ مريم أبو دقة
رئيس مجلس إدارة جمعية الدراسات النسوية التنموية الفلسطينية