حول قتل النساء الظاهرة مستمرة
النساء: القتل المباح
مصطفى إبراهيم
محمود نزيل في سجن غزة، محكوم بالسجن مدة خمس سنوات بتهمة قتل ابنة عمه على قضية ما يسمى شرف العائلة، في تبرير منه لجريمته قال لي انتم في مؤسسات حقوق الإنسان كنتم السبب في تشديد العقوبة بحقي أنا وأبناء عمي من خلال الضغط الذي تمارسونه على منفذي هذه الجرائم، انتم لا تعلمون كم مرة حاولنا فيها ثنيها عن سلوكها اللا أخلاقي والمشين، لقد تزوجت ثلاث مرات وطلقت، أقسمت على القرآن أنها لن تعود لممارسة الرذيلة، إلا أنها لم تلتزم، وقفت بجانبها ودافعت عنها إلا أنها خذلتني، لم أستطع الدفاع عنها.
الجيران كانوا يخبروننا عن علاقاتها، ولم نصدق، وصل الأمر بها أن تتباهى بعلاقاتها أمام أعيننا، كانت تخرج من المنزل مع شبان يحضرون بسياراتهم وينقلونها من البيت ومن ثم تعود، لم نعد نحتمل حديث الناس والغمز واللمز عليها وعلى العائلة، دنست شرف العائلة.
محمد واثنين من أبناء عمه شاركوا في قتل ابنة عمهم، اعتقلوا واعترفوا على قتلها على خلفية شرف العائلة، وحوكم الثلاثة مدة خمس سنوات لكل منهم، واعتبروا الحكم قاس، حاولوا الاستفادة من السوابق القضائية والأحكام المخففة التي ينالها مرتكبي جرائم القتل على خلفية ما يسمى شرف العائلة والثقافة الاجتماعية السائدة في المجتمع الفلسطيني.
القانون الفلسطيني لا يميز في جرائم القتل، القتل هو القتل ويجب علينا ان لا نجمل هذا القتل، فالتساهل من السلطة القضائية عزز من ثقافة الإفلات من العقاب لدى مرتكبي جرائم القتل على خلفية الشرف، إذ أن معظم الأحكام التي صدرت عن المحاكم الفلسطينية كانت مخففة ولم تتجاوز العقوبة مدة ثلاث سنوات، ما منح القتلة حصانة الإفلات من العقاب.
معظم حوادث قتل النساء نفذت من قبل أقاربهن بالدرجة الأولى والجرائم عادة ما تـــنفذ في منزل العائـــلة، وبعض الضحايا يتم إلقاء جثثهن بعيداً خوفاً من الشبهة، وهناك أمثلة كثيرة على قتل نساء وفتـــيات دفنت جثـــثهن في منزل العائلة، وفي بعض الحالات لا تعمل الشرطة في شكل جدي على كشـــفهن وتســـجل بأنها وفيات إما لأسباب صحية أو قضاء وقدراً ويتم دفن الجثة بناء على ذلك.
مؤسسات الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق المرآة عادة ما تتناول قضية القتل على خلفية الشرف من الزاوية القانونية البحتة، وتطالب الجهات المختصة بتغيير نصوص بعض المواد في قانون العقوبات، وتركز على التوثيق وبيانات الإدانة والاستنكار، ويكون العمل موسميا خاصة من مؤسسات المرأة، ولم يتم تناول القضية من خلال الأوضاع الاجتماعية السائدة من عادات وتقاليد في المجتمع الفلسطيني، ووضع المرأة السيئ في جميع النواحي.
على الرغم من النشاط التي تقوم به مؤسسات حقوق الإنسان من عقد ورش العمل وتدعو المختصين القانونيين والمسؤولين في السلطة، ويتم النقاش في الإطار القانوني والمطالبات، ولم تستطع العمل سويا مؤسسات المجتمع المدني والسلطة من الحد من ظاهرة قتل النساء وليس حتى القضاء عليها.
قتل النساء في المجتمع الفلسطيني قائم وله حضور ولا يزال المجتمع الفلسطيني يعاني من أمراض وآفات اجتماعية بدءاً من القتل باسم شرف العائلة والزواج المبكر والاعتداءات الجنسية المختلفة المخيفة، وبعضها لا يتحدث عنها المجتمع أو الضحايا.
جرائم قتل النساء في فلسطين في ازدياد من دون أن يترك ذلك أثراً على المسؤولين وعلى السلطة، ويجب الحد من هذه الظاهرة من خلال تبني إستراتيجية وطنية لدعم وتعزيز دور المرأة في المجتمع ومن خلال تبني قيم وأخلاق واحترام حقوق الإنسان، والمساواة بين الرجال والنساء. وليس توفير الحماية للنساء المهددات بالقتل فقط بل إنزال أشد العقوبات في مرتكبي تلك الجرائم، و الأهم العمل سويا على توفير الحماية الاجتماعية للفئات المهمشة وفي مقدمتها المرأة التي تعاني الاضطهاد، حتى لا نعزز من القتل المباح للنساء.