للمرة الأولى… انتخاب امرأة لرئاسة مجلس محلي في محافظة جنين

للمرة الأولى… انتخاب امرأة لرئاسة مجلس محلي في محافظة جنين

بقلم رشا ابو جلال

مدينة غزة، قطاع غزة — للمرّة الأولى في محافظة جنين – شمال الضفّة الغربيّة، تمّ انتخاب امرأة لرئاسة مجلس قرويّ في عمليّة انتخابيّة جرت في 25 حزيران/يونيو من عام 2019. وانتخب أعضاء المجلس القرويّ لقرية الجديدة، التي تبعد نحو 21 كيلومتراً عن مدينة جنين، الناشطة المجتمعيّة كفاية الزقزوق لترأس المجلس القرويّ، في عمليّة انتخابيّة تمّت بإشراف مديريّة وزارة الحكم المحليّ في محافظة جنين.

وتبلغ مساحة قرية الجديدة 6360 دونماً، وتسكنها 6000 نسمة، ويعمل سكّانها بمعظمهم في مهنة الزراعة.

وقالت كفاية الزقزوق (50 عاماً)، التي انتخبت خلال عام 2017 كعضو في المجلس القرويّ الذي يبلغ عدد أعضاءه 11 عضواً، لـ”المونيتور”: “إنّ فوزي بهذا المنصب هو بمثابة حدث تاريخيّ جاء ليكسر احتكار الرجل لرئاسة المجالس المحليّة في محافظة جنين، إذ لم يسبق أن تولّت امرأة مثل هذا المنصب في كافة المجالس المحلية (القروية والبلدية) الواقعة ضمن المحافظة”.

والمجالس المحلية التي تعرف باسم “البلديات” هي نوع من الحكم الذاتي داخل القرى والمدن الفلسطينية، وتنقسم في الأراضي الفلسطينية إلى قسمين، هما المجلس القروي وهو الموجود في القرى، والمجلس البلدي وهو الموجود في المدن، ودور هذه المجالس هو فتح الشوارع وإدارة توزيع المياه والكهرباء لمنازل المواطنين والإشراف على شبكات الصرف الصحي، وإنشاء الأسواق العامة والحدائق والمتنزهات والمساهمة في إنشاء المشاريع الخدماتية كالمدارس والمستشفيات العامة، وتنظيف البلدة وترحيل النفايات وتنظيم الحرف والصناعات وتنظيم الأعمال الإنشائية بمختلف أشكالها الواقعة ضمن القرية أو المدينة.

وأوضحت أنّ فوزها “هو برهان كبير على أنّ المرأة الفلسطينيّة استطاعت تحدّي العادات والتقاليد التي تفرض عليها العمل في منزلها فقط، وأنّها قادرة على العمل في أماكن مختلفة وأن تتولّى مناصب قياديّة أيضاً”، مؤكّدة أنّها لن تُضيّع هذه الفرصة لإثبات جدارة المرأة الفلسطينيّة في تولّي مناصب رفيعة ولإثبات أيضاً أنّ المرأة قادرة على صنع التغيير في مجتمعها، مشيرة إلى أنّها تخطّط لإقامة العديد من المشاريع التنمويّة المهمّة لقريتها.

وعن هذه المشاريع، قالت كفاية الزقزوق: “لديّ خطط لإقامة مدارس جديدة في القرية، التي تحتوي على ثلاث مدارس فقط لا تكفي حاجة السكّان، وشقّ الطرق الزراعيّة في الوقت الذي تخلو فيه القرية من هذه الطرق، وإنشاء مختبر صحيّ يخدم سكّانها، فضلاً عن إنشاء مركز نسويّ لنساء القرية ليصبحوا رياديّات في مجتمعهنّ وتمكينهنّ اقتصاديّاً”.

وأشار المدير العام لوزارة الحكم المحليّ في محافظة جنين راغب أبو دياك خلال حديث لـ”المونيتور” إلى “أنّ اختيار الزقزوق لترأس المجلس القرويّ لقرية الجديدة، يأتي في إطار منح المرأة حقّها بمشاركة الرجل في المناصب القياديّة وفي مراكز اتّخاذ القرار”، وقال: هناك تنام في مشاركة النساء بانتخابات المجالس المحليّة الفلسطينيّة. وإنّ انتخاب امرأة في منصب رئيس المجلس “يدلّل على وجود إيمان مجتمعيّ متنام بقدرة المرأة على صنع التغيير ومنافسة الرجل في مراكز اتّخاذ القرار”.

بدوره، قال الخبير في الانتخابات والحكم المحليّ والمدير العام السابق لوزارة الحكم المحليّ الفلسطينيّة باسم حدايدة لـ”المونيتور”: “هناك 820 امرأة أعضاء في المجالس المحليّة بالأراضي الفلسطينيّة، فيما يشكّل عدد الذكور حوالى 3300 عضو في هذه المجالس”.

وبيّن أنّ مشاركة المرأة في انتخابات المجالس المحليّة مكفولة بموجب قانون الانتخابات المحليّة الصادر في عام 2005، الذي يمنح النساء 20 في المئة من مقاعد المجالس المحليّة، وقال: إنّ عدد المجالس المحليّة في الضفّة الغربيّة يبلغ 439 مجلساً، فقط 4 منها تترأسها نساء، وهي: مجلس بلديّة قرية حزما في محافظة القدس، مجلس بلديّة قرية المعصرة في محافظة بيت لحم، مجلس بلديّة قرية اللبن الغربيّ في محافظة رام الله والبيرة، ومجلس بلديّة قرية قيرة في محافظة سلفيت.

وأشار إلى أنّ النساء الأعضاء في المجالس المحليّة متساويات في الحقوق والامتيازات مع الأعضاء الذكور سواء أكان بحقّ الترشّح أم التصويت أم الاطّلاع على كلّ الوثائق والبيانات الخاصّة بالمجلس المحليّ، لافتاً إلى أنّ المرأة الفلسطينيّة تشكّل حوالى 1.2 مليون ناخبة في سجل الناخبين، وهو ما يعادل 49 في المئة من الناخبين، الأمر الذي يجعلها مؤثّرة في مجريات أيّ عمليّة انتخابيّة في الأراضي الفلسطينيّة ونتائجها.

ورغم هذه الحالات النسويّة الناجحة في تولّي مناصب قياديّة في المجتمع الفلسطينيّ من خلال الانتخاب، إلاّ أنّ بعض محاولات النساء في هذا الإطار واجه تدخّلاً ذكوريّاً لسحب المناصب القياديّة منهنّ وإعادة منصب رئاسة المجلس القرويّ إلى القبضة الذكوريّة مجدّداً، وهذا ما جرى مع الفتاة يسرى بدوان (27 عاماً)، التي تمّ انتخابها في 22 أيّار/مايو من عام 2017، كأوّل امرأة في منصب رئيس مجلس بلديّة قرية عزون في شرق محافظة قلقيلية – شمال الضفّة الغربيّة. وبعد أقلّ من 6 أشهر على تولّيها هذا المنصب، تعرّضت لحجب الثقة عنها من قبل ثلثيّ أعضاء المجلس وجميعهم من الذكور، واختيار أعضاء المجلس رئيساً آخرً للمجلس من الذكور.

وأشارت يسرى بدوان في حديث لـ”المونيتور” إلى أنّ ما حدث معها كان انقلاباً ذكوريّاً عليها من أجل انتزاع منصبها، الذي حصلت عليه في انتخابات ديموقراطيّة، بحجّة عدم كفاءتها في تولّي هذا المنصب، وقالت: “كان الهدف من ترشّحي للانتخابات المحليّة لبلديّة عزون كسر الاحتكار التاريخيّ للرجل لمنصب رئيس البلديّة في القرية، ولرغبتي في إحداث تغيير إيجابيّ لصالح سكّان قريتي، ولكن منذ اليوم الأوّل من فوزي في الانتخابات ومباشرة عملي كرئيسة للبلديّة كانت توضع أمامي العراقيل لمنعي من تحقيق أيّ إنجازات”.

ورغم الفترة القصيرة التي تولّت خلالها بدوان رئاسة المجلس المحليّ في قريتها، إلاّ أنّها تمكّنت من صنع العديد من الإنجازات، أهمّها القيام بحملة نظافة واسعة في قريتها التي كانت تعاني من أزمة في تكدّس النفايات وإجراء توسّعات في العيادة الصحيّة ومدارس القرية لتقديم خدماتها إلى شريحة أوسع من سكّان القرية.

وتابعت بدوان: “إنّ سطوة المظاهر العشائريّة وذكوريّة المجتمع تعدّان أكبر المعوقات أمام المرأة في تحقيق أيّ إنجازات. ولذا، يتطلّب من النساء تحدّي العادات والتقاليد التي تنبذ توليهنّ مناصب قياديّة في المجتمع الفلسطينيّ”.