في إطار يوم دراسي .. المشاركة السياسية للمرأة يتطلب خلق ثوابت راسخة لها ضمن القوانين الناظمة لعمل المنظمة
في إطار يوم دراسي حول النساء في السياسة
المشاركة السياسية للمرأة يتطلب خلق ثوابت راسخة لها ضمن القوانين الناظمة لعمل المنظمة
نفذ اتحاد لجان المرأة الفلسطينية يوما دراسيا في مدينة خانيونس بعنوان ” النساء في السياسة” بمشاركة العديد المهتمين بقضايا المرأة العادلة وابرزها وصول المرأة لمراكز صنع القرار.
بدورها ، قالت تغريد درويش منسق ميداني في الاتحاد أن هذا النشاط يأتي ضمن أنشطة وفعاليات مشروع النساء والمشاركة السياسية بالشراكة مع المساعدات الشعبية النرويجية NPA ، التي يستهدف فيها الاتحاد ضمن انشطتها النساء بشكل مباشر لتوعيتهن ودعمهن لتعزيز مشاركتهن السياسية .
وتابعت :” من أهم اهداف الاتحاد هو زيادة نسبة تمثيل النساء في مراكز صنع القرار الى جانب الارتقاء بوضع المرأة الفلسطينية وتمكينها بما يكفل المساواة الحقيقية بين الرجل والمرأة والعدالة الاجتماعية لكافة فئات المجتمع .
وأكدت على أن المرأة أصبحت تشارك الرجل في جميع مناحي الحياة سواء كانت اجتماعية او نضالية وهي التي تدفع غالبا ثمن الصراعات السياسية على ارض الواقع الا ان لم يحدث تطورات ملموسة في الدور السياسي للمرأة ومراكز صنع القرار.
قدم الورقة الاولى الباحث رامي مراد بعنوان” دور المرأة الفلسطينية في المشاركة السياسية” أكد فيها أن المرأة استطاعت ان تقوم بأدوار لا تقتصر فقط على مساندة غيرها بل تساهم الى حد ما في دعم وترسيخ دورها الذاتي باعتبارها لاعب أساسي في عملية الدفاع عن المصالح الخاصة بها كبنية، وبحيزها الذي تعمل به من إعادة الاعتبار للمكون الاجتماعي – الاقتصادي – السياسي الذي تساهم به في مرحلة معينة حسب حاجتها، وحسب الظرف الذي تسعى بالمشاركة إلى تحسينه أو تعديله أو الوصول إليه.
ولفت إلى ان مشاركة النساء في الحياة السياسية من التغيرات المهمة التي طرأت على واقع المرأة العربية بشكل عام، بالرغم من تواضعه وبطء درجة تغيره، حيث أن الواقع السياسي ينطوي ليس فقط على مشاركة مختلف جوانب الحياة السياسية، وإنما أيضاً المشاركة في صنع القرار المرتبط بالقضايا المجتمعية العامة والقضايا الخاصة بمصالح الفئات الاجتماعية المختلفة ومن ضمنها المرأة، كذلك فإن المجال السياسي يعتبر الأهم بسبب ارتباطه بالأبعاد الأخرى التعليمية والصحية والاقتصادية التي تعني المرأة مباشرة.
وأوضح مراد في ورقته إلى ان التجربة الفلسطينية افرزت علاقات متغيرة، وقضية المرأة الفلسطينية شهدت مفارقات عديدة نتيجة للتداخل الحاد بين الاعتبارات التي تعني بشأن المرأة، وتؤثر في حياتها وسلوكها ومن ثم حدود دورها وتأثيرها، كما ان الاعتبارات الخاصة بواقع الاحتلال وغياب الدولة، وتجربة اللجوء والثورة، والمقاومة الشعبية، افرز ادوار متعددة للمرأة الفلسطينية، ومنحها هوية خاصة، لكنها ليست مثالية او مكتملة فهي في حالة صراع دائم مع مقومات وشروط راسخة تتعامل معها المرأة تؤثر وتتأثر بها.
كما بين مراد أن المرأة الفلسطينية تأثرت دون غيرها سلباً لغياب نظام سياسي ديمقراطي يعنى بتطور المجتمع ويعمل على تفكيك البنى التقليدية والهياكل العشائرية والولاءات العضوية، ويطور منظومة متكاملة من الثقافة التنموية القائمة على فهم وممارسة شروط المواطنة، وهذا ما يسبب غياب المرأة على مستوى صنع القرار.
وأكد ان المرأة الفلسطينية واكبت التطور على المستويات الإقليمية والدولية في قضايا نصرة حقوق المرأة وامتاز نضالها بتنوع أشكاله واستمراره نظراً لاستمرارية حالة الاحتلال، فهي تناضل ضد المحتل الذي يعيق المشاركة السياسية للمجتمع ككل، وتناضل من أجل مشاركة سياسية أوسع في ظل موروث ثقافي سلبي تجاهها يعيد انتاجه المجتمع ذاته.
واختتم ورقته بأنه لعدة أسباب متداخلة فقدت المرأة بداية التنظيم لترسيخ مفاهيم وممارسات المشاركة السياسية الكاملة للمرأة، حيث ذكورية الأحزاب السياسية، وغياب الديمقراطية، وتغليب النساء المصالح السياسية على حساب القضايا الاجتماعية والنقابية، حيث لم تنجح المرأة الفلسطينية في قولبة هذه العلاقات الجدلية في إطار من الوضوح المؤسس والضاغط باتجاه بلورة رؤية نسوية فلسطينية تمزج بين البعدين في نضالها، كذلك ما رافق نشأة السلطة من إشكاليات سياسية
في السياق نفسه قدمت الورقة الثانية المحامية هبة الدنف بعنون ” التحديات التي تواجه المشاركة السياسية الفلسطينية ” أكدت فيها أن مشاركة المرأة في الحياة السياسية على قدم المساواة مع الرجل تشكل إحدى آليات التغيير الديمقراطي في المجتمع التي تساهم في إعادة تركيب بنية هذا المجتمع ونظامه السياسي استنادا الى مصالح وحاجات المواطنين الفعلية.
وتابعت :” أظهرت النسب الأخيرة التي عبرت عنها نتائج دورة المجلس الوطني لعام 2018 وما تلاه من تنسيب المجلس المركزي وحتى اللجنة التنفيذية عن نسب صادمة، النتائج لم تعكس ما سعت المرأة إليه من أجل تحسين نسبة تمثيلها ضمن المستويات المختلفة للمنظمة وذلك تأسيسا على مبدأ المساواة الذي أقرته وثيقة الاستقلال والقانون الأساسي الفلسطيني أولاً، واتفاقية “سيداو” التي انضمت لها فلسطين والتزمت القيادة الفلسطينية بموجبها بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة على كافة المستويات ثانياً، وأخيراً قرار المجلس المركزي في دورته (27) عام ٢٠١٥ في البند التاسع والذي نص على “ضرورة تحقيق المساواة الكاملة للمرأة، وتعزيز مشاركتها في كافة مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية ودولة فلسطين… وأن لا تقل نسبة مشاركتها في هذه المؤسسات عن 30% ” .
وتابعت :” لا تعتبر هذه النتائج بعيدة عما يدور ضمن الأحزاب السياسية رغم مشاركة النساء المبكرة في الفصائل والأحزاب السياسية، إلا أن ذلك لم يترك أثراً على تحسين مشاركتهن السياسية إذ بقيت هذه المشاركة ضعيفة بالمقارنة مع مشاركة الرجل، بالإضافة إلى استبعادها الكبير عن مراكز صنع القرار في هذه الأحزاب ومنها من كان يتبنى فكراً تنويرياً يدعم دمج النساء في الحياة السياسية والعامة.
وبينت الدنف على انه ما زالت قضايا المرأة ليست بالمركزية بدرجة متفاوتة بالنسبة لغالبية الأحزاب، وربما هذا يفسر جانباً مهماً من أسباب انحسار نشاط المرأة الفلسطينية في ظل المرحلة الحالية، خاصة في ظل غياب استراتيجية واضحة لدى تلك الأحزاب حول وضع المرأة الفلسطينية، وعدم تحديد رؤية واضحة لكل حزب على حدة وتحديد موقفه من المرأة وتحويل هذا الموقف إلى برامج وأجندات عمل على أرض الواقع.
وأكدت الدنف في ورقتها على أن المشاركة السياسية للمرأة يتطلب خلق ثوابت راسخة لها ضمن القوانين الناظمة لعمل المنظمة لافتة إلى أن الانقسام والاختلاف الحزبي أثر على تطوير منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت المسألة الرئيسية في كافة الحوارات، وبالتالي كان تمثيل المرأة وحقها من القضايا الفرعية التي لم تناقش بعد، ليس هذا فحسب، وإنما المرأة نفسها لم تشارك في حوارات إنهاء الانقسام تلك.