19 عامـاً على الـقرار 1325 والـقـرار الـجـديـد «2394»

19 عامـاً على الـقرار 1325 والـقـرار الـجـديـد «2394»

كتبت / ريما نزال

لعيون مفتوحة على مداها في الذكرى التاسعة عشرة على القرار 1325، ومفتوحة أكثر عشية الذكرى العشرين له. فالعام القادم سيشكل محطة تقييمية هامة بدأ التمهيد لها منذ الآن، بانخراط المؤسسات الدولية والرسمية والأهلية في نقاش معمَّق حول القرار 1325 وتطبيقاته ورصد التقدم المُحْرز. لقد بدأ جميع المعنيين بالإدلاء بدلوهم انطلاقاً من التجارب في البيئة والسياقات السياسية والاجتماعية الخاصة بكل دولة، التي خيضت على مدار السنوات العشرين الماضية، إلى جانب طرح التوصيات في جميع المحطات التقييمية انتهاء بالاستعراض الدوري الشامل.
استهلَّ الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريس” التحضير للمناسبة بإطلاق خطابه الذي تضمن رؤيته التقييمية والتحديات والمعيقات التي اعترضت طريق التنفيذ، مصدراً قرار مجلس الأمن الجديد رقم 2493 تاريخ 29/10/2019، لجسر فراغات القرار 1325 ومستجدات واقع المرأة والامن والسلام.
الشعور العام في فلسطين خيبة أمل مغلقة الأفق ضمن السياق الخاص تحت الاحتلال طويل الأمد، تجاه القرارات الدولية برمتها، لعدم تطبيقها على الرغم من إجحافها من جهة، وبسبب محاولات التحالف الأميركي الاسرائيلي الدؤوبة إلى تغيير مرجعيتها بمرجعية اتفاقية “أوسلو”. استبدال المرجعيات الدولية الخاصة المتصلة بالواقع الفلسطيني بمرجعية تجعل من ما يتم التوصل له ضمن موازين القوى بمثابة تطبيق للقرارات الأممية، بمعنى فك علاقتها أيضا بالسلة الحقوقية الدولية.
لقد اعتمدت المرأة الفلسطينية في رؤيتها ومفهومها للقرار 1325 على ترابط القرارات والقوانين الدولية الخاصة بحقوق الانسان مع القرارات المتخذة بخصوص فلسطين، ليُشكلا معاً الفلسفة والمنطق والمسوغات للتعاطي مع القرار 1325 وملاحقه، ليستقيم استخدام القرار مع الحالة الفلسطينية الخاصة تحت الاحتلال الاستعماري.
لكن محاولات التنصل من مرجعية القرارات الدولية مع التدهور الجاري على الأرض من قبل الاحتلال المؤيَّد والمُعزز بدعم أميركي وتواطؤ عابر للجغرافيا، في تطبيق صفقة القرن وتصفية المشروع الوطني التحرري، ما فاقم من أزمة القرارات الدولية ومن تبعات سياسة ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين المتبعة في الامم المتحدة.
انطوى القرار 2394 على اعتراف مسجل من مجلس الأمن بفجوات القرار 1325، واعتراف بأن القرارات الثمانية السابقة التي استهدفت مراعاة تطورات الصراع الدائر في المنطقة وغيرها لم تلب وظيفتها، لجهة مُستجدات أسباب وأشكال الصراع المسلح، بما هي استخدام النساء كأدوات في القتال والانتقام، علاوة على إصدار عدد من التوصيات المفاهيمية الملحقة باتفاقية “سيداو”.
جميع التوصيات والقرارات لم تُفِد نفعاً على صعيد القضية الوطنية الفلسطينية، فالهيئة التي تصدر القرارات هي الهيئة التي تُعطِّل تطبيقها وتتملّص من مسؤوليتها عن الرقابة في التطبيق، بسبب سيطرة الولايات المتحدة بما حولها إلى أداة بيدها، عوضا عن واجبها في تحمل مسؤولياتها في وقف ابتزاز التحالف الاميركي الاسرائيلي الضالع في تصفية القضية الفلسطينية بخطوات متسارعة، بدأت بنقل السفارة الاميركية الى القدس ولم تنته عند التضييق على وكالة الغوث (الأونروا) وتجفيف تمويلها، بما يلحق الضرر الكثيف بمصالح اللاجئين-ات في داخل الوطن وفي مناطق اللجوء والشتات، على سبيل المثال لا الحصر.
ما جديد الأمين العام في خطابه السنوي بخصوص المرأة والسلام والاحتلال؟ لا شيء بالنسبة للحالة الفلسطينية، وليس متوقعاً من خطاب غوتيريس أن يأتي بقرار ثوري شبيه بالأثر الثوري الذي كان منتظراً أن يلعبه القرار 1325 في حينه، لو اسْتُخدِم بمبدئية وتم تحييده عن الاعتبارات السياسية القائمة في هيئات الامم المتحدة وخاصة مجلس الأمن “وفيتواته”. لقد قدم الأمين العام خطاباً وعظياً عاماً، متجاهلاً اختلاف أشكال الصراع وأسباب تفجرها وجذورها. مغيباً المسؤولية الدولية والارادة الدولية والتزاماتها تجاه صنع السلام وتطبيق القرارات، وكوميديا إحالته على النساء.
أما المنتوج الجديد لمجلس الأمن ممثلاً بالقرار رقم 2493 تاريخ 29/10/2019، المتمخض عن الاجتماعات المنعقدة في مقر الهيئة الدولية في نيويورك! فلا بد من الاقرار بما انطوى عليه القرار الجديد من ايجابيات في الأبعاد الحقوقية والديمقراطية للنساء، في مطالب استعراض تنفيذ الخطط ومدى قابليتها للقياس، ودعوته الدول والمؤسسات الاهلية إلى تشديد الجهود على صعيد المشاركة السياسية للنساء في الحياة العامة ونقاشات الدساتير من المنظور الجنساني، وتكليفه كيانات الأمم المتحدة بتقديم العوْن للأمين العام في التوعية الاقليمية، وتقديم المعلومات حول التقدم المحرز. لكن القرار لم يطور خطاب الامم المتحدة على صعيد الأبعاد الوطنية والسياسية وعلاقتها بكشف النساء والانتهاكات الواقعة عليهن وعلاقتها بالعنف المحلي، باختصار لم يقدم القرار الجديد قراءة تحليلية لمأزق وأزمة التطبيق.
في الذكرى التاسعة عشرة للقرار الأم 1325، لا بد من القول إن الايجابيات المُشار إليها في الشق الاجتماعي للقرار، أيضاً تواجه استعصاءات داخلية في التطبيق ليست بالسهولة المتوقعة بسبب الثقافة المحلية السائدة واستخدامها من قبل اصحاب القرار الرسمي في فلسطين للانتقاص من حقوق المرأة، بل تعمل مراكز القرار على الاستقواء بالثقافة السائدة لمواجهة النساء أو للتنصل من الاستحقاقات والواجبات. 

لا تعليقات بعد على “19 عامـاً على الـقرار 1325 والـقـرار الـجـديـد «2394»

  1. السلام عليكم.
    مفيدة وشاملة، بارك الله فيك.
    مدونة مليئة بالمعرفة. جزاك الله خير. انا احبك جدا، جدا، جدا.

    شكرا لكم.
    مصعب النجار.

التعليقات مغلقة.