جريمة قتل النساء على خلفية الشرف
جرائم قتل النساء على خليفة الادعاء بشرف العائلة، موجودة في المجتمع الفلسطيني منذ زمن، إلا أنها كانت مغيبة ضمن الواقع الذي عاشته البلاد من احتلال وانتفاضة حيث غلب الاهتمام بالقضايا السیاسیة على الاهتمام بالقضايا الاجتماعية وهذا ما أدى إلى زيادة الجهل وعدم توافر الوعي بهذا النوع من هذه القضايا مما وفر بيئة خصبة لانتهاك حق المرأة بالحياة دون حسيب ولا رقيب.
وعلى الرغم من صعوبة الوصول إلى إحصائيات دقيقة و حقيقية تشير إلى عدد جرائم قتل النساء على خلفية الشرف إلا ان مراكز الإحصاء و المراكز الحقوقية استطاعت رصد العديد من حالات القتل على خلفية الشرف ؛ ففي عام 2009 تم رصد 13 حالة قتل على خلفية الشرف ؛ و في عام 2010 تم رصد 7 حالات قتل على خلفية الشرف داخل الأراضي الفلسطينية ؛ و خلال عامي 2014 -2015 تم رصد 42 حالة قتل لنساء و فتيات في الضفة الغربية و قطاع غزة ؛ و شهد عام 2016 ما مجموعة 23 حالة قتل ؛ وفي عام 2017 كان هناك 27 حالة تم رصدها لجريمة قتل النساء على خلفية الشرف ؛ و شهد عام 2018 مقتل 4 نساء في الأراضي الفلسطينية على خلفية الشرف ؛ و حتي نهاية أغسطس 2019 سجلت 3 حالات قتل لنساء على خلفية الشرف[1].
ومن الضروري الاعتراف بخطأ استخدام مصطلح القتل بدافع الشرف، حيث أنه یعكس إعطاء مبرر للجاني وفي الوقت ذاته إدانة المجني علیها دون إعطائها الفرصة للدفاع عن ذاتها، لذلك تقترح الأدبيات النسائية استخدام مصطلح جريمة قتل النساء على خلفية الشرف.
تعريف ماهية الجريمة و أسبابها
الجرائم التي ترتكب بدافع الشرف هي جرائم عنف، عادة ما تكون جرائم قتل يرتكبها غالباً أفراد العائلة من الذكور ضد إحدى الإناث من العائلة؛ اعتقادا منهم بأنها دنست شرف العائلة. وتنتشر جرائم القتل على خلفية الشرف في العديد من الدول، ويكثر ارتكابها فـي الـدول الإسلامية مثل: أفغانستان، باكستان، إيران، الأردن، سوريا، اليمن، وفلسطين، تحت وطأة اعتقاد شعبي خاطئ بأن الأديان السماوية تدعم ذلك القتل، إضافة إلى وجود حماية قانونيـة فـي بعض التشريعات؛ إذا ما ثبت أن القتل كان على خلفية الشرف .
فالقتل على خلفیة الشرف هو جریمة یرتكبها رجل بحق امرأة تربطه بها قرابة من الدرجة الأولى كما ذكر سابقا، وهي لا تعدو كونها ردة فعل لعدة عوامل إجتماعية و نفسية و بيئية و تربوية و اقتصادية وثقافية وغيرها. ویكون الدفاع عن الشرف، الدافع لارتكاب الجریمة سواء كانت قتلا أو إیذاء، أما السلوك الذي یعتبر ماسا بالشرف فهو السلوك الذي ینطوي على اتصال جنسي غیر مشروع یجلب العار على العائلة وفقا للتقالید والعادات السائدة في المجتمع ولكن واقع الحال أثبت أن مجرد الاشتباه والشك قد يؤدي لوقوع هذا النوع من الجرائم.
ويعود انتشار ظاهرة قتل النساء على خلفية الشرف لأسباب عدة منها:
سيطرة النظام الابوي على المجتمعات العربية وهيمنة الرجل على المرأة والنظرة الدونية للمرأة واعتبارها أقل شانا منه.
غياب التشريعات والقوانين الرادعة التي تجرم هذه الأفعال أمام من تسول له نفسه بارتكاب هذه الجرائم وعدم وجود عقوبة واضحة وصريحة لمرتكبي هذه الجرائم.
غياب التنشئة التربوية الصحيحة القائمة على مجموعة من القيم والمبادئ الأخلاقية.
عدم توفر الجرأة لدى النساء للاعتراض بحكم الانصياع للعادات والتقاليد الشعبية وعدم توافر أنظمة حماية للنساء المعنفات.
عدم توفر الوعي الديني السليم في المجتمع؛ فإن الدين الإسلامي يشدد على ضرورة وجود أربعة شهود ذوي عدل يرون الواقعة بأم أعينهم، رؤية لا يشوبها الشك؛ وإلا اعتبر مجرد الحديث بالأمر قذف للمحصنات يستوجب العقوبة.
عدم توافر مؤسسات نسوية فاعلة لها القدرة على ضمان خضوع المتهم للعقاب.
التهاون في تطبيق القانون وتنفيذ العقوبة المقررة لجريمة قتل النساء على خلفية الشرف حيث يتم في بعض الحالات إطلاق سراح الجاني بعد أقل من سنة وغياب السياسات الرادعة من قبل أجهزة الامن.
التكييف القانوني لجريمة قتل النساء على خلفية الشرف
إن القوانين الجنائية لم تحمي المرأة من مثل هذه الجرائم التي تؤدي بحياتها إلى الموت و لم تساوي بالعقاب بينها و بين الرجل اذا افترضنا جدلا بان فعلا كهذا وقع بالفعل بل إن معظم التشريعات العربية تعتد بالعذر المخفف كوسيلة للتحايل على القانون ، فقانون العقوبات الأردني لسنة 1960 المطبق في أراضي الصفة الغربية في مادته 340 وقانون العقوبات لسنة 1936 المطبق في قطاع غزة في المادة 18 أعطت للجاني في جرائم قتل النساء على خلفية الشرف حجة و ذريعة يستطيع من خلالها الهروب من العقاب بأقل التكاليف الممكنة بل مع وسام بطولة في بعض الحالات كحالة مفاجئة الزوج لزوجته أو إحدى محارمه متلبسة بالزنا مع رجل اخر، ففي هذه الحالة القانون أحل له جريمته و اعتبر الجاني القاتل هو الضحية .
أما بالنسبة لقانون العقوبات رقم 74 لسنة 1963 المطبق في قطاع غزة فقد جاء نص المادة 18 واسعا وفضفاضا الامر الذي يفتح المجال لتفسيرها على نحو يحتمل معه معاني ووقائع عديدة بما يجعلها مدخلا لإيجاد الاعذار المخففة ليبرر القاتل جريمته بحق امرأة أو فتاة من عائلته.
إن جريمة قتل النساء على خلفية الشرف ما هي إلا جريمة قائمة بالأساس على العنف والتمييز الموجه ضد المرأة يمارسه عليها الرجل محتميا بذلك بالعادات و الأعراف العشائرية و القوانين الركيكة التي تعطيه قوة وسلطة لممارسه جرائمه بلا حسيب ولا رقيب إن قضية المغدورة اسراء غريب هي قضية كل انسان حر وشريف ويجب على المشرع و القضاء و الأجهزة الأمنية و المؤسسات النسوية و الحقوقية و كل من له سلطة في هذا الامر أن يضمن ويسعى جاهدا لوضع حد جدري و نهائي لهذه الجرائم البشعة التي تجرمها جميع الأديان السماوية و القوانين الدولية على أمل أن تكون إسراء غريب أخر ضحايا هذه الجرائم المشينة.
التوصيات:
أهمية نشر الوعي المجتمعي الكافي لثقافة احترام وتقدير حقوق المرأة وتعزيز مكانتها في المجتمع، من خلال اعتماد مبدأ ان حقوق المرأة حقوق إنسان مع ضرورة مراعاة حماية مصالح النساء الفضلي لدى وضع التشريعات الفلسطينية الخاصة بحماية حقوق المرأة او تعديل القائم منها شريطة مراعاة موائمة التشريعات الفلسطينية مع المواثيق الدولية الخاصة بحماية حقوق المرأة بشكل يضمن إلغاء كافة أنواع التمييز والعنف والإساءة النساء.
إلغاء وتعديل المواد القانونية التي تحتوي على العذر المخفف والمحل لجرائم قتل النساء على خلفية الشرف في قانون العقوبات الفلسطيني، وضمان خضوع الجناة لأقصى العقوبات وعدم التهاون بتطبيق العقوبة بما يضمن عدم افلات الجناة من العقاب.
أهمية اصدار قانون الاسرة الفلسطيني لحماية النساء من العنف وتفعيل الخطة الوطنية لحماية النساء من العنف ومناهضته، بما يضمن إنشاء بيوت امان للنساء المعنفات، ومراكز إصلاح قائمة على الأسس السليمة والرعاية الكافية للإناث المتعرضة حقوقهن للانتهاك مع توافر الحماية والحراسة عليها من قبل الجهات الأمنية، ويضمن مؤامة التشريعات والقوانين الفلسطينية وخاصة قانون العقوبات والاحوال الشخصية بما يتناسب و ينسجم مع القوانين و الاتفاقيات الدولية و حقوق الانسان خاصة التي تعد دولة فلسطين طرفا فيها.
مطالبة وزارات الصحة بأن تشرف على تسجيل الوفيات بشكل أكثر تشديداً حتى لا يتاح التملص من قتل النساء من خلال تسجيل وفيات الإناث على أنها قضاءً وقدراً أو بدون تحديد سبب واضح للوفاة.
ضرورة تكثيف حملات التوعية والتأثير والضغط، بكل الوسائل الإعلامية والعملية اللازمة لتفعيل المشاركة الحقيقية للنساء بالمعني السياسي والاقتصادي والمجتمعي، والضغط من اجل قوانين عصرية، تضمن حقوق النساء وتصون مكتسباتهن في المجتمع الفلسطيني.
كتبت وصال الطناني
[1] .حسب احصائيات مركز المعلومات الوطني .